بعد النجاح الساحق الذي حققه الجزء الأول، عاد فيلم “الفيل الأزرق 2” ليغوص بنا مرة أخرى في عالم الدكتور يحيى راشد المظلم، حيث يمتزج الطب النفسي بالسحر الأسود والأبعاد الأخرى. يقدم الجزء الثاني قصة أكثر تعقيدًا ورعبًا، ويربط مصير يحيى بماضيه وحاضره ومستقبله بطريقة لم يكن يتوقعها.
بداية القصة: عودة غير متوقعة إلى “غرب العباسية”
تبدأ أحداث الفيلم بعد خمس سنوات من نهاية الجزء الأول. نرى الدكتور يحيى (كريم عبد العزيز) وقد استقر في حياته، حيث تزوج من حبيبته لبنى (نيللي كريم) وأنجبا طفلة، وعاد للعمل كطبيب نفسي في مستشفى خاص بعيدًا عن مستشفى العباسية للأمراض النفسية. تبدو حياته هادئة ومستقرة، إلى أن يتلقى استدعاءً عاجلاً للعودة إلى قسم “8 غرب” في العباسية، القسم الذي يدير الحالات الإجرامية الخطرة.
ظهور فريدة: بداية الكابوس الجديد
يُستدعى يحيى لمقابلة نزيلة جديدة تُدعى فريدة (هند صبري)، والتي تتهمه بأنه هو من ارتكب الجريمة التي سُجنت بسببها. المفاجأة الأكبر هي أن فريدة تتنبأ بوقوع ثلاث جرائم قتل ستطال أسرة يحيى نفسه، وتحدد بدقة من سيموت ومتى. هذا التهديد المباشر يجبر يحيى على العودة إلى العالم الذي حاول الهروب منه، والبحث عن الحقيقة وراء هذه المرأة الغامضة.
حبوب الفيل الأزرق والصراع مع “نيالوثيتب”
لحل هذا اللغز وإنقاذ عائلته، يدرك يحيى أنه لا خيار أمامه سوى العودة إلى حبوب الفيل الأزرق، الحبوب التي تفتح بوابات إلى عوالم أخرى وتكشف له الأسرار الخفية. من خلال رحلاته في هذه العوالم، يكتشف يحيى أن فريدة ليست مجرد مريضة نفسية، بل إن جسدها مستحوذ عليه من قبل كيان شيطاني قديم يُدعى “نيالوثيتب”.
من هو نيالوثيتب وماذا يريد؟
يكتشف يحيى أن “نيالوثيتب” هو روح شريرة تسعى للعودة إلى العالم المادي من خلال جسد إنسان، وأن هذه الروح مرتبطة بوشم “نائل” الذي كان محور الجزء الأول. الهدف الحقيقي لنيالوثيتب هو الانتقام من يحيى لأنه منعه من التجسد في المرة الأولى (عبر شريف الكردي)، وهذه المرة يهدف إلى تدمير حياته بالكامل عبر قتل زوجته وابنته.
تطور الأحداث: سباق مع الزمن
تتصاعد الأحداث بشكل محموم، حيث تبدأ نبوءات فريدة (نيالوثيتب) بالتحقق واحدة تلو الأخرى بطرق مروعة، مما يضع يحيى تحت ضغط نفسي هائل. يبدأ الشك في التسلل إلى علاقته بزوجته لبنى، التي لا تفهم ما يمر به وتعتقد أنه قد عاد إلى الإدمان أو فقد عقله.
البحث عن الخلاص في الماضي
يقود بحث يحيى إلى سجلات قديمة ومخطوطات سحر أسود، ليكتشف أن الطريقة الوحيدة لهزيمة نيالوثيتب هي من خلال طقوس معقدة وإيجاد شخص آخر ليكون هو الجسد البديل للروح الشريرة. في رحلته، يلتقي بشخصيات تساعده، بما في ذلك شخص متخصص في السحر (يجسده الفنان إياد نصار في ظهور خاص)، الذي يرشده إلى كيفية مواجهة هذا الكيان الشيطاني.
النهاية المفتوحة والمُربكة
تصل القصة إلى ذروتها في مواجهة أخيرة بين يحيى ونيالوثيتب المتجسد في فريدة. ينجح يحيى في النهاية في تنفيذ الطقس المطلوب، ولكن النهاية تحمل مفاجأة صادمة.
تحليل المشهد الأخير
في المشهد الأخير، نرى يحيى يعود إلى منزله ليجد أن زوجته لبنى وابنته بخير. ولكن عندما ينظر في المرآة، يرى انعكاسه بابتسامة شريرة، بينما يظهر وشم “نائل” ببطء على جلده.
ماذا تعني هذه النهاية؟ النهاية مفتوحة للتأويلات، ولكن التفسير الأكثر شيوعًا هو أن يحيى، لكي ينقذ عائلته، اضطر إلى عقد صفقة مع الشيطان أو تقديم نفسه كجسد بديل لنيالوثيتب. بمعنى آخر، نجح في إنقاذ أسرته جسديًا، لكنه خسر روحه في المقابل. لقد أصبح هو نفسه مستحوذًا عليه من قبل الكيان الذي كان يحاربه، مما يمهد الطريق لجزء ثالث محتمل تكون فيه شخصية يحيى هي الشر الذي يجب مواجهته.
الخلاصة: قصة “الفيل الأزرق 2” هي رحلة عميقة في الرعب النفسي، تستكشف حدود العقل البشري والصراع الأبدي بين الخير والشر. إنها ليست مجرد قصة عن الطب النفسي، بل عن التضحية، والندم، والثمن الباهظ الذي قد يدفعه الإنسان لإنقاذ من يحب، حتى لو كان هذا الثمن هو روحه نفسها.