“الاستعلام الأمني” هو مصطلح يتردد كثيراً عند التقدم لوظائف معينة أو استخراج تصاريح خاصة، وهو إجراء يتجاوز بكثير الفحص الجنائي التقليدي. إنه عملية فحص وتحرٍ شاملة تقوم بها الأجهزة الأمنية المختصة في الدولة لتقييم الخلفية الكاملة لشخص ما، بهدف التأكد من أنه لا يشكل أي تهديد على الأمن القومي أو النظام العام.
ما هو الغرض من الاستعلام الأمني؟
الهدف الأساسي من الاستعلام الأمني ليس فقط الكشف عن السوابق الجنائية، بل هو تقييم مدى أهلية الشخص لتولي منصب حساس أو الحصول على امتياز معين. يتم إجراؤه بشكل أساسي في الحالات التالية:
- الوظائف الحساسة: مثل الوظائف في القطاعات الحكومية السيادية (الجيش، الشرطة، القضاء، الخارجية)، والهيئات الرقابية، والوظائف في المرافق الحيوية (محطات الكهرباء، المطارات، الموانئ).
- تراخيص معينة: مثل تراخيص حيازة السلاح، أو تراخيص إنشاء شركات تعمل في مجالات أمنية.
- السفر لبعض الدول: قد تطلب بعض الدول إجراء تحريات أمنية على مواطنيها قبل منحهم تأشيرات لأغراض معينة.
- الجنسية والإقامة: عند التقدم للحصول على جنسية دولة أخرى أو في بعض إجراءات الإقامة.
ما الفرق بين الاستعلام الأمني و”الفيش الجنائي”؟
هناك خلط شائع بين المفهومين، ولكن الفارق بينهما جوهري وكبير.
صحيفة الحالة الجنائية (الفيش الجنائي)
- ما هي؟ هي وثيقة رسمية تصدرها وزارة الداخلية (قطاع الأدلة الجنائية) توضح ما إذا كان لدى الشخص أي أحكام جنائية نهائية مسجلة باسمه.
- نطاقها: تقتصر فقط على الجرائم التي صدر فيها حكم قضائي بات ومسجل. إذا كانت القضية لا تزال قيد التحقيق أو لم يصدر فيها حكم نهائي، فلن تظهر في الفيش.
- من يطلع عليها؟ يمكن لأي جهة أن تطلبها من الموظف (مدرسة، بنك، شركة خاصة)، وهي وثيقة روتينية.
الاستعلام الأمني
- ما هو؟ هو تقرير سري وشامل يتم إعداده بواسطة أجهزة أمنية متخصصة (مثل جهاز الأمن الوطني).
- نطاقه: أوسع بكثير. لا يقتصر على الأحكام النهائية فقط، بل يشمل:
- أي قضايا أو محاضر تم تحريرها ضد الشخص حتى لو حُفظت.
- الانتماءات أو الميول السياسية أو الفكرية للشخص وأقاربه من الدرجة الأولى (الأب، الأم، الإخوة).
- التحري عن السمعة في محيط السكن والعمل.
- أي نشاط يُعتبر مهدداً للأمن العام أو الأمن القومي للدولة.
- من يطلع عليه؟ لا يُسلّم للشخص نفسه، بل يُرسل مباشرة من الجهة الأمنية إلى الجهة الحكومية السيادية التي طلبته، ونتيجته تكون بالقبول أو الرفض (إيجابي أو سلبي).
كيف تتم عملية الاستعلام الأمني؟
عندما تطلب جهة ما إجراء استعلام أمني عن شخص، تقوم بإرسال بياناته الكاملة (الاسم الرباعي، الرقم القومي، تاريخ الميلاد، العنوان، إلخ) إلى الأجهزة الأمنية المعنية. تقوم هذه الأجهزة بالبحث في قواعد بياناتها الشاملة والمتعددة، بالإضافة إلى إجراء تحريات ميدانية إذا لزم الأمر، لجمع كافة المعلومات المذكورة أعلاه.
ما هي أسباب النتيجة “السلبية” للاستعلام الأمني؟
قد يأتي رد الاستعلام بالرفض لأسباب عديدة، منها:
- وجود سابقة جنائية للشخص أو لأحد أقاربه من الدرجة الأولى في قضايا تمس الشرف أو الأمن القومي.
- وجود شبهات حول انتماء الشخص أو أحد أقاربه لجماعات محظورة أو متطرفة.
- وجود محاضر أو قضايا سابقة (حتى لو لم يصدر فيها حكم) تشير إلى سلوك غير منضبط.
- سوء السمعة في محيط السكن أو العمل بناءً على التحريات.
الخلاصة: الاستعلام الأمني هو إجراء سيادي يهدف إلى حماية أمن الدولة ومؤسساتها الحيوية. إنه بمثابة “فلتر” عميق يضمن أن الأشخاص الذين يشغلون مناصب حساسة أو يحصلون على امتيازات خاصة هم أهل للثقة ولا يشكلون أي خطر على الصالح العام، وهو يختلف كلياً عن مجرد التحقق من السجل الجنائي للشخص.